خطري ادوه: الحاشية والقيادة. بقلم سعيد اصلوح. |
الأخبار - الرأي والرأي الآخر. |
السيد خطري ادوه، شاب صحراوي نشأ تربى وترعرع وسط اخواله الصحراويين، والده من اتلاميذ لشياخ قدم مجاهدا مع الشيخ ماء العينين في بداية القرن، ينتسب لقبيلة من قبائل زوايا موريتانيا الكبيرة والمشهورة، تنواجيو، إذن فهو من الأقليات حسب المنظور القبلي لمحمد عبد العزيز والذي من خلاله يحكم على الأفراد ويقدرهم ويعطيهم قيمتهم.صاحبنا ليس قبليا بالفطرة، وجاء للثورة شابا في مقتبل العمر نهاية 1975م مفعما بالنظريات الثورية والمباديء النضالية، ولم يكن يتصور ان القبلية هي المقياس والمعيار للحكم على الأفراد، فبدأ مشواره النضالي مذيعا مع الجفاف في إذاعة الصحراء الحرة التي ادت الدور المنوط بها في كسر حصار التعتيم، وإظهار القضية الوطنية على حقيقتها لسكان المغرب العربي، فكان نعم الشاب المثقف، صاحب الصوت المعبر والإلقاء الجيد، والاسلوب السلس، فكان منه المذيع والمحرر والمخرج، زيادة على إلمامه بالموسيقى الحسانية شعرا وغناءا وعزفا، وهذا ما دفعهم لتكليفه بعد ذلك بمديرية الثقافة مع صديقه الأستاذ احمد ولد الشيعة، وقد قام بدو ممتاز خلال الجولة الثقافية في بعض دول القارة الإفريقية. حاول صاحبنا ان يلعب مع الكبار خلال احداث الصراع على السلطة سنة 1988م مع كل من عمار الحضرمي ومنصور عمار وعبد القادر الطالب عمار، رموز المعارضة ايام زمان، قبل ان يتحولوا في السلطة إلى ديكتاتوريين... تلقى صاحبنا لدرس قاس خلال هذه المرحلة الحاسمة من حياته والتي سيكون لها التأثير الأكبر على مجرى حياته السياسية منذ ذلك اليوم، حيث تم تعذيبه من طرف مجموعة من إطارات الجيش في القاعدة العسكرية، فهم ساعتها قيادة الجبهة على حقيقتها، وان الأقليات من امثاله لا حق لهم هنا، إلا تحت حماية أحد الكبار قبليا وتموقعا في السلطة، فقدم نقده الذاتي خلال ندوة العلاقات الخارجية بمدرسة 12 اكتوبر وبحضور مسؤول لجنة العلاقات الخارجية آن ذاك البشير مصطفى السيد، وتحول إلى يد طيعة في يد الرجل القوي محمد عبد العزيز، لا يعرف ما عدا السمع والطاعة، وأوامر الرئيس لا تناقش، فكان المختص في صياغة الشعارات والبيانات لكل مرحلة، ولا يخصه ما عدا إشارة بسيطة من السيد الرئيس، ليكون كل شيء جاهز: شعارات بيانات تقييمات تحليلات وثائق كلها تصب في ما يريده الرئيس، وما يعجب السيد الرئيس...
فهم الرجل اللعبة جيدا بعد احداث الصراع على السلطة 1988م لهذا لا غرو ان يتحول من معارض مغضوب عليه، يتعرض للضرب والتعذيب بالقاعدة العسكرية، إلى رجل نظام بإمتياز، فصعد للقمة بطريقة صاروخية، من مدير عام لوزارة إلى وزير إلى رئيس البرلمان، إلى المفاوض الأساسي حول مصير الصحراويين، ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر المسرحية الأخير باتفاريتي، الذي ربما يكون نهاية الجبهة وحلم الصحراويين بالعودة الكريمة، او بداية ميلادها من جديد... لقد فهم صاحبنا اللعبة جيدا واستوعب الدرس وعرف من اين تؤكل الكتف، وعرف الوتر الحساس الذي يعجب عبد العزيز وخديجة ليعزف لهما عليه، وهذه ميزة من الميزات التاريخية الثابتة، التي يعرف بها الزوايا في بلاد البيظان منذ هزيمتهم في حرب شرببة في بداية القرن السابع عشر الميلادي... |