انحراف قيادة البوليساريو عن مسار الثورة، إجهاض للمشروع الوطني طباعة
الأخبار - أخبار وأحداث.
الأحد, 17 فبراير 2013 15:44

ان المتتبع لمسيرة حركات التحرر عبر التاريخ يجد انها لم تقس انطلاقتها بعامل الزمن وفترات نضالها، بل هي حركة دائمة متجددة تناضل ما دامت الحاجة إليها ومادامت الشعوب تقع تحت ظلام الاحتلال أو الظلم والاضطهاد. وحركات التحرر الوطنية هي دائمة في ديمومة مستمرة ولا يمكن أن يقال بالشكل المطلق أن حركة التحرر لأي شعب قد هزمت، ولكن ممكن القول أن حركة التحرر في فترة ما وفي زمن ما قد أجهضت ووقع عليها عوامل الفشل بطرق مختلفة كالضغوط الخارجية أو العوامل الداخلية في بنيتها وأطرها أو خطف حركة التحرر والجنوح بها بشكل مغاير ومعاكس بدرجة 180 درجة ومن هنا نقول أن حركة التحرر الوطني في هذه الفترة قد انحرف مسارها ولكن لم تنحرف حركة الشعوب الوطنية، لكنها ليست مرتبطة بعامل التوقيت والزمن.

ومن هذا المدخل، هل حركة التحرر الوطني الصحراوية قد حققت أهدافها؟؟، بالقطع لا، ولكي نضع الحجج لإجابة هذا السؤال فلقد تكاتفت على حركة التحرر الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب عوامل ذاتية وموضوعية أدت إلى انحرافها والخروج عن مسارها (أهدافها ومبادئها ومنطلقاتها وبرنامج عملها) وترجمت جميع العوامل في خطف الاسم اللامع جماهيريا الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب كممثل وحيد للشعب الصحراوي من قبل فئة تنامت وترعرعت مع عامل الزمن في داخلها وانحرفت بمسارها بشكل معاكس فبدلا من أن تكون حركة التحرر الوطني الصحراوي هي أداة لمقاومة الاحتلال والإمبريالية أصبحت حركة لا تنطبق عليها مواصفات حركات التحرر للشعوب وخاصة أن الشعب الصحراوي والأرض الصحراوية مازالت محتلة ومازال هناك لاجئين في المخيمات والشتات في مختلف أنحاء العالم ومازالت مصالح هذا الشعب في الحرية والاستقلال بعيدة المنال.
البوليساريو كحركة للتحرر الوطني التي قامت أسسها على وحدة المصلحة في التحرير أتت كظاهرة فريدة من نوعها في شمال افريقيا بل في العالم العربي في العصر الحديث حيث واجهت الاستعمار المغربي المدعوم ن الصهيونية العالمية والولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وامام تواطؤ وصمت عربيين يقوم مجموعة من الشباب الغيورين على بناء كيان يحفظ للشعب الصحراوي ارضه وارثه الثقافي بالرغم من قلة العدة والعتاد .
غير ان الحركة التي رفعت شعارات الثورة واخترقت بها اعتى الجبهات تراجعت وتقهقرت وأتت جميع العيوب والعوامل التي أدت إلى إجهاضها إلى عدة ممارسات سياسية وأمنية أدت إلى اختراقات كبيرة في صفوفها ونتج عن هذه الاختراقات (تجميد الفكر المقاوم) بالإضافة إلى ظهور طبقة البيروقراطية والرأس مالية والبرجوازية والتي طغت على كل الأطر القيادية لجبهة البوليساريو وهذا يتنافى مع سيكولوجيا حركات التحرر الوطنية في العالم وتتناقض تلك المظاهر مع مصالح الشعب الصحراوي الذي نسبة اللاجئين فيه حوالي 50% من عدد السكان الأصليين للصحراء الغربية.
وبمجرد خروج قيادات جبهة البوليساريو عن حيثيات المشكل وطبيعة التعامل مع الواقع المزري الذي يتعرض له الشعب الصحراوي وعجزها عن إدارة الصراع وفق فكر الرعيل الاول واستراتيجية المقاومة وحرب الاستنزاف لا نستطيع القول أن تلك القيادة تقود حركة تحرر وطني ، بل قيادة رجعية استولت على مقاليد القرار في داخل الجبهة وانحرفت به وقعت في أحضان الإملاءات، وهذا يتنافى أيضا مع المنظور الأساسي لطبيعة حركات التحرر حيث تمادت تلك القيادة في إفساد الأطر الداخلية للجبهة وتمادت في نسج علاقات مباشرة مع الاحتلال بقبولها مناقشة مقترحاته المتعارضة مع المطلب الاساسي والوحيد للشعب الصحراوي والمتمثل في الاستقلال الوطني ويكفي هذا لتجريمها من قبل الشعب.
تعرضت جبهة البوليساريو إلى تراجعات وانتكاسات وصراعات تمخض عنها عدّة انشقاقات فضل غالبية اصحابها وجهة العدو والبوح باسرار الجبهة والسعي في اجهاضها.
مازالت تلك القيادة بقيادة الاخ محمد عبد العزيز تتحمل مسؤولية الانحراف الذي أتى بالتدريج على الجبهة وحولها الى شبه مقاولة تجارية يتنافس علي الظفر بمشاريعها النفعية وزارء وسفراء وامناء داخل التنظيم والدولة.
إذن إلى أين تتجه جبهة البوليساريو في ظل التحديات الراهنة والتراجع عن المبادئ الثورية ؟ .. للاجابة عن هذه التساؤلات لابد من المرور على تداخل الحركة كإطار ثوري يضعه الشعب الصحراوي في الواجهة لنيل استقلاله ودولة يظن القائمين عليها بانهم وزراء ورئيس وسفراء وهم لم يظفروا بعد بالنصر المؤكد؟
وهذه الوضعية تحيلنا الى مراجعة خط الجبهة الثوري ومقارنته بالممارسة الرجعية التي تتخبط فيها قيادات التنظيم وتذكر فلسفة مفجر الثورة حين قال "إن هذه الشعوب في الشمال و الجنوب هي شعوب مظلومة لان على رقابها أنظمة رجعية ومهمة شعبنا ليس فقط الرجوع إلى أرضه و إنما أيضا تحرير هذه الشعوب من أنظمتها الرجعية و إذا كان هذا هو الوضع فان الفكرة الطبيعية و الوضع الطبيعي في المنطقة هو مغرب الشعوب و بالتالي فإننا نوجه نداء إلى القوة الثورية في موريتانيا و المغرب وتونس لان تحمل السلاح من اجل تصفية هذه الجيوب الرجعية التي تستعملها الإمبريالية ضد الشعوب بالمنطقة و ضد الشعوب بالوطن العربي و كذلك ضد الإنسانية .
رحم الله الشهيد الولي وكل الشهداء واقر أعينهم بثبات المناضلين وصمودهم على طريق الحرية والاستقلال وكل الوطن او الشهادة.
بقلم : ولد الشهيد
عن موقع  التغيير بتصرف.

Share Link: Share Link: Bookmark Google Yahoo MyWeb Digg Facebook Myspace Reddit